صوت الضحايا لا يخفت.. أسر الأويغور تطالب بالعدالة بعد 3 سنوات على تقرير الأمم المتحدة
صوت الضحايا لا يخفت.. أسر الأويغور تطالب بالعدالة بعد 3 سنوات على تقرير الأمم المتحدة
رغم مرور ثلاث سنوات على نشر تقييم مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الذي خلص إلى أن الانتهاكات الممنهجة في إقليم شينجيانغ بالصين قد ترتقي إلى جرائم دولية، تواصل حكايات الضحايا وأسرهم وصولها إلى مكاتب المنظمات الحقوقية وشاشات الإعلام، بينما يبقى المسار نحو مساءلة مسؤولي الانتهاكات غائبا إلى حد كبير.
وكان مكتب المفوضية السامية قد أصدر في 31 أغسطس 2022 تقريرًا مفصّلًا خلص إلى أن عمليات الاعتقال الجماعي والقيود على الحريات وعمليات الفصل القسري من الحياة الثقافية والدينية قد تبلور أشكالًا من الانتهاكات الجسيمة التي قد تُدخل في نطاق جرائم ضد الإنسانية، وقدّم التقرير وصفًا منهجيًا لسياسات القمع في الإقليم.
وقدم توثيق سابق لمنظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أدلة متعددة على اعتقالات جماعية، ومراكز احتجاز واسعة النطاق، وممارسات تضمنت سوء المعاملة والتعذيب وإجراءات قسرية ترمي إلى تغيير الهوية الثقافية والدينية في إقليم شينجيانغ.
حجم الانتهاكات والأرقام المفتاحية
تقديرات رسمية وغير رسمية تذكر أن مئات الآلاف وربما أكثر من مليون شخص قد مرّوا ببرنامج الاحتجاز وإعادة التثقيف منذ 2017، ووفق تقديرات حكومية أمريكية وتقارير دولية رُصدت حالات فصل قسري عن العائلات، وتقارير متعددة وثقت سياسات قسرية بما في ذلك برامج لإجبار نساء على الخضوع لإجراءات صحية مهينة، أما الشهادات الجديدة التي جمعتها منظمات حقوقية في 2025 فتبرز استمرار الغياب التام للمساءلة وآثار الصمت الدولي على حياة الأسر.
دوافع وسياسات رسمية
تقدم السلطات الصينية تفسيرًا أمنيًا لسياساتها في شينجيانغ، رافعة شعارات محاربة التطرف والإرهاب وتعزيز الاستقرار، لكن توثيق ممارسات المقاربة الأمنية يكشف عن نهج واسع النطاق لتقييد الدين واللغة والثقافة في مجتمع أقلية، وإرساء شبكات مراقبة تقنية فائقة وعمليات اعتقال تعسفية وإعادة تأهيل قسري، والتحول من إجراءات أمنية محددة إلى برامج منهجية لاستهداف هوية مجموعات كاملة يشير إلى مزيج من دوافع أمنية وسياسات إدارية تهدف إلى سرعة التغيير الاجتماعي الثقافي، وفق المفوضية العليا لحقوق الإنسان.
التداعيات الإنسانية والاجتماعية
النتيجة المباشرة لسياق القمع هي تشظّي أسر وجرح نفسي عميق فالأطفال يولدون أو يكبرون بلا آباء، أفراد يفقدون وظائفهم وهويتهم الثقافية، ومجتمعات تواجه آثارًا نفسية وطبية ممتدة، وشهادات العائلات التي تواصلت مع منظمة العفو وغيرها تصف الغموض الطويل حول مصير الأحباء، وغياب المعلومات الذي يتحول إلى عذاب يومي.
ردود فعل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية
منذ صدور التقييم الأممي، طالبت منظمات دولية مثل منظمة العفو وهيومن رايتس ووتش بفتح تحقيق دولي مستقل ومساءلة المسؤولين بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، ودعت دول عدة إلى إجراءات متنوعة منها حظر صادرات واستخدام تقنيات المراقبة ذات الصلة وفرض عقوبات مستهدفة، وقد أصدرت دول عدة، بما فيها أعضاء في الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة، بيانات وإجراءات دبلوماسية وعقوبات محدودة، كما رفعت بعض البرلمانات تصنيفات قانونية عن الأحداث في شينجيانغ. ومع ذلك، تشدد التقارير الحقوقية على أن هذه الخطوات لم تؤدِّ بعد إلى مساءلة واسعة أو تعويضات للضحايا.
عوائق المساءلة القانونية والسياسية
تواجه مساعي المساءلة عدة عوائق جوهرية منها رفض بكين التعاون الدولي، والقيود السياسية في بعض قضايا الأمم المتحدة، وافتقار آليات إنفاذ دولية بالفعالية السريعة المطلوبة، كما تثير الطبيعة السيادية للموضوع وخيارات الدبلوماسية التجارية خلافات بين دول تسعى للتوازن بين المصالح الاقتصادية والالتزامات الحقوقية، هذا الواقع أدّى إلى دعوات من منظمات حقوقية لتفعيل آليات قضائية دولية متاحة، وتوسيع نطاق العقوبات المستهدفة، وتفعيل صلاحيات المحاكم الوطنية للجرائم الدولية حين تتوفر قواعد الاختصاص، وفق المفوضية العليا لحقوق الإنسان.
خريطة الطريق المقترحة للعدالة والوقاية
يرتكز النهج المقترح من قبل خبراء ومنظمات حقوقية دولية على عدة محاور تتمثل في دعم تحقيق مستقل دولي يتيح الوصول غير المشروط إلى الشهود والمستندات، وإنشاء سجلات للضحايا ومآلاتهم بصيغ تحمي الخصوصية، وتوسيع إجراءات مساءلة عبر تدابير وطنية ودولية، وفرض تدابير تجارية وتقنية لمنع استفادة الشركات من سياسات القمع، وبرامج إنعاش اجتماعي ودعم نفسي وقانوني للضحايا والناجين، كما يُشدد على أهمية الاستماع إلى أصوات العائلات والناجين في تصميم آليات التعويض والعدالة الانتقالية.
تروي شهادات عائلات المختفين في شينجيانغ والمستندات الحقوقية قصة واحدة تتجسد في معاناة مستمرة تحتاج إلى تحول من الكلام إلى إجراءات، واعتراف المجتمع الدولي بأدلة الانتهاكات لم يكن نهاية المطاف، بل بداية اختبار مصداقية المنظومة الدولية في حماية كرامة الإنسان وحقوقه، ووفق المفوضية العليا لحقوق الإنسان فإن مساءلة مرتكبي الانتهاكات ضرورة إنسانية لوقف المعاناة وإعادة الحياة الكريمة إلى المجتمعات المتضررة، وإرسال رسالة واضحة بأن الانتهاكات الواسعة النطاق لا تمرّ دون ثمن.